إلى أي مدى تجرك رياح الحزن وقد رفت على جانبي الطريق بشائر الهطول ؟!
وما نمت زهور أملك على بِرَكِ القطرات لأنك من اجتثثت جذورها !
غير آبه بنحلتك التي أعطتك دهرا من رحيقها !
وغير آبه بتوسلات طفلتك التي أحبت أن تراك حاملا لها عطرها !
و غير آبه بوحي الخيال عندما يعانق الواقع في بِتِلَه من تيجان زهرك الندي !.
إلى أي السجون وضعت نفسك؟ كي ما تخرج من لجة التأوه التي أفنيت فيها عمرا ليس بالقصير! .
وإلى أي عتمة تمضي متخبط الخطى ؟ باحثا عن ضوء وبين يديك شمعة تتعذر بفنائها وأنت تعلم
أنك في الظلام كالغريق ستفنى أنت قبل أن تشعلها لترى أنك لازلت بقرب قاربك !
ثم إلى أي الصخور قسوة ارتميت بها؟ فاستثار بركان غضبك ولن تنتهي الثائرات ما انتهيت .
إلى أي أسطح العمارات الشواهق اعتليتها لتسقط من علوها غير آسف على نفسك رغم أنك
مرارا مُتَّ قبل أن تصل إلى علوها لأنك تجهل لغة " Exit "
فكان من الجدير بك أن تسقط جاهلا معنى الموت يا صاحبي ! .
اخرج
أهرب من ذاك الحريق الذي أشعلته
تول زمام أمورك
وأعلن للكل أنك "حي إذا أنت موجود" ...
لا تسكب أحزانك الرخيصة على قارعة المرضى من هذا الوهن
وتَذَكَّرْ أن للكل حزن يكاثره حتى يعيش معذورا بالقدرة
صف مأساتك ببيت من الشعر محاولا أن تبتدع بحرا جديد ولكن ...
لا تنسى أن تصنع الفلك بأعينهم
حتى يمخروا عباب كلماتك دون أن يغرقوا فزعين من اضطراب موجه ولأنهم مثلك
لن يحتاجوا للدليل فهم أساسا تائهون !
تقدم- أو أضعف من ذلك - حاول أن تسير بركب من صنعوا عالما غير الذي وجدوه
لا تتفنن السخرية لأن لها عواقب أكبر من معنى التنفيس
فمن أخطر مراحلها أن تدمن معنى تتبع زلاتهم بواسطة مجهر عينك لكل من تصادفه
وتتوه عن مرآتك أن تجد فيها شخصا نسي أن له عينا مثلهم
أو اسخر قدر ما تشاء فلن تصل لمرحلة الفعل ممن سخرت...
ولكن من القبيح أن تجعل القادرين على الفعل عاجزين
يندبون الزمن الذي جمعهم بمن مثلك جدير بإقناعهم أن "الدجاجة جاءت من البيض!"...
لأنك أوصلتهم مرحلة التردد بعد إذ كانوا متيقنين من نجاحاتهم
ثم من قال أن الأشياء أيا تكن لابد أن تكون إما خيرا مطلق أو شرا مطلق
ألم تسمع يا صاح عن النسيبة –متيقنة أنك عرفتها قبل أينشتاين-
منذ نعومة أظفارك وجارتك تسرد لأمك تفاصيل ممله ولكن عندما تريد أن تسرد لها بطولات شخوص خيالك
تصرخ في وجهك "لا أريد سماع المزيد من الأكاذيب"
فأنت بالنسبة لأمك ابن كاذب وجارتكم بالنسبة لأمك امرأة كاذبة كذلك !
لكن أنت لجارتك بالنسبة لأمك مختلفين !
دعك من كل ذلك
وأجبني ألم يحن الوقت لتعتلي مجدا أنت من يقرره بدل أن تسخط من سطوة السلطان
و أقول لك كما يقول البرغوثي مخاطبا أمته ...
"...أيةُ سطوةٍ؟.. ما شئتِ ولي واعزلي لا يوجد السلطان إلا في خيالك "
أو من العازة التي فرضت علينا أن يبيعوا برميل الزيت مغلفا بقطعة من أرضنا مقابل كسرة خاطر أوكسرة خبز
الحل يا صاح أن تستفيق من نعيك وتخلع الحداد وتصنع التغيير لأن الاستسلام في هذا الزمان لا يعني إلا شيئا واحدا
هو... الموت
فان كنت مستعدا أن تعيش الحياة ميتا فلا تقصص فكرتك عن الحياة لهم لأن الميتين "الحياة" تعني لهم كما يعني السراب للضمآن
أو عش الحياة كريما زاهدا
فلأن تصنع ابتسامة على محيا طفل فقير خير لك من أن تلعن الفقر واصفا مأساته على ورقة يقرأها الأغنياء في أحلامك !
فما حاجة الغني أن يقرأ شيئا يدعى الفقر وهو لم يجرب معاناته
فالإنسان بطبعه لا يحب أن يقرأ تجارب الحياة من غيره بل يجربها حتى يستطيع قراءتها ...
فجرب أن تكون ناجحا لتقرأ قصصا تشبه نجاحك وتصدقها...
فإن عجزت عن النجاح فأضعف الإيمان أن تبقي فمك مغلقا فلا تأذي الناجحين بالسخرية
من شيء عجزت أنت عن فعله ...
فالحياة أكبر من أن تفهم سر المعاناة فيها ...
وهي أكبر من أن يستوعب عقلك نسبيتها وموازينها ..
بل هي أسهل من أن تتعايش مع معطياتها بحذر
يا أيها الزاهد من الحياة
هناك فرق بين الزهد في الحياة والزهد منها كليا
فلتفهم
مللنا أن نسمع الناعي في كل جبهة ينعى مجدا ضائعا أضاعته أيادي الخذلان و الاستسلام ...
وقم
بارك الله في عملك ...
بقلمي ساعة ضجر
10:30 م من يوم الأحد الموافق 12/9/1431هـ